فصل: (باب ماجاء من كلام العرب أوله زاءٌ في المضاعف والمطابق)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجم مقاييس اللغة ***


الجُزْءُ الثالث

كتاب الزّاي

‏(‏باب ماجاء من كلام العرب أوله زاءٌ في المضاعف والمطابق‏)‏

‏(‏زط‏}‏

الزاء والطاء ليس بشيء‏.‏ وزُطّ‏:‏ كلمةٌ مولَّدة‏.‏

‏(‏زع‏)‏

الزاء والعين أصلٌ يدلُّ على اهتزازٍ وحركة‏.‏ يقال‏:‏ زَعْزَعْتُ الشيءَ وتَزعْزَعَ هو، إذا اهتزّ واضطرب‏.‏ وسيرٌ زعزعٌ‏:‏ شديد تهتز له الرِّكاب‏.‏

قال الهُذََليّ‏:‏

وتَرْمَدُّ هَمْلَجَةً زَعْزَعاً*** كما انخَرَطَ الحَبْلُ فوق المَحَالِ

‏(‏زغ‏)‏

الزاء والغين ليس بشيء‏.‏ ويقولون‏:‏ الزغزغة‏:‏ السُّخْرِيَة‏.‏

‏(‏زف‏)‏

الزاء والفاء أصلٌ يدلُّ على خِفَّةٍ في كل شيء‏.‏ يقال زَفَّ الظَّليم زفيفاً، إذا أسرع‏.‏ ومنه زُفَّتِ العَروسُ إلى زوجها‏.‏ وزفَّ القومُ في سَيرهم‏:‏ أَسْرَعُوا‏.‏ قال جلّ ثناؤه‏:‏ ‏{‏فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ‏}‏ ‏[‏الصافات 94‏]‏‏.‏ والزَّفْزافة‏:‏ الرِّيح الشديدة لها زفزفةٌ، أي خِفَّة‏.‏ وكذلك الزَّفزَف‏.‏ ويقولون لمن طاشَ حِلْمُهُ‏:‏ قد زَفَّ رَأْلُه‏.‏ وزِفُّ الطائر‏:‏ صِغَار ريشه؛*لأنه خفيف‏.‏

‏(‏زق‏)‏

الزاء والقاف أصلٌ يدل على تضايُقٍ‏.‏ من ذلك الزُّقاق، سمِّي بذلك لضيقهِ عن الشوارع‏.‏

ومن ذلك‏:‏ زَقَّ الطائرُ فرخَهُ‏.‏ ومنه الزِّقّ‏.‏ والتزقيق في الجلد‏:‏ أن يسلخ مِنْ قِبَلِ ‏[‏العُنُق‏]‏‏.‏

‏(‏زل‏)‏

الزاء واللام أصل مطّرد منقاسٌ في المضاعَف، وكذلك في كل زاءٍ بعدها لامٌ في الثلاثي‏.‏ وهذا من عجيب هذا الأصل‏.‏ تقول‏:‏ زلَّ عن مكانه زَليلاً وزَلاًّ‏.‏ والماء الزُّلال‏:‏ العَذْب؛ لأنه يَزِلّ عن ظَهْرِ اللِّسانِ لِرقَّته‏.‏ والزَّلَّة‏:‏ الخطأ؛ لأن المخطئ زلَّ عن نَهْج الصَّواب، وتزلزَلت الأرضُ‏:‏ اضطرَبت، وزُلْزِلَتْ زِلْزَالاً‏.‏ والمِزَلَّة‏:‏ المكان الدَّحْضُ‏.‏ فأما الذِّئْبُ الأَزَلُّ، وهو الأَرْسَح، فقال ابنُ الأعرابيّ‏:‏ سمِّي بذلك مِنْ قولهم زَلَّ إذا عدا‏.‏ وهو القياس الصَّحيح ثم شُبِّهَتْ به المرأةُ الرَّصْعاء فقيل زَلاَّء‏.‏ وإن كان الأَرْسَح كما قيل فهو قياسُ ما ذكرناهُ أيضاً، لأن اللّحم قد زلَّ عن مؤخَّره، وكذلك عن مؤخَّر المرأة الرَّسْحاء‏.‏

ومن الباب الزُّلْزُل كالقَلِق؛ لأنَّه لا يستقرُّ في مكانه‏.‏

ومما شذّ عن الباب الزَّلَزِلُ‏:‏ الأثاث والمتاع، على فَعَلِلٍ‏.‏

‏(‏زم‏)‏

الزاء والميم أصلٌ واحدٌ، وهو يدلُّ على تقدُّم في استقامةٍ وقَصْد، من ذلك الزِّمام لأنه يتقدَّم إذا مُدَّ به، قاصداً في استقامة‏.‏ تقول زَمَمْتُ البعير أزُمُّه‏.‏ ويقال أمْرُ بني فلانٍ زَمَمٌ، كما يقال أَمَمٌ، أي قصدٌ‏.‏ ويحلفون فيقولون‏:‏ ‏"‏لا والذي وجْهِي زَمَمَ بَيْتِه‏"‏، يريدون تلقاءَه وقَصْدَه‏.‏ والزَّمُّ‏:‏ التقدُّم في السَّير‏.‏

ومما شذّ عن هذا الأصل الزِّمْزِمة‏:‏ الجماعة من الناس‏.‏ وقال الشيباني‏:‏ الزِّمزيم‏:‏ الجِلَّة من الإبل‏.‏

‏(‏زن‏)‏

الزاء والنون كلمةٌ واحدةٌ لا يُتفرّع ولا يُقاس عليها‏.‏ يقال أَزنَنْتُ فلاناً بكذا، إذا اتَّهمتَهُ به‏.‏ وهويُزَنُّ به‏.‏ قال‏:‏

إن كنتَ أزنَنْتَنِي بها كَذِبَاً*** جَزْءُ فلاقَيْتَ مِثلَها عَجِلاَ

‏(‏زب‏)‏

الزاء والباء أصلان‏:‏ أحدهما يدل على وُفُورٍ في شَعَرٍ، ثم يحمل عليه‏.‏ فالزَّبَب‏:‏ طُول الشَّعَْر، وكثرتُهُ‏.‏ ويقال بعيرٌ أزَبُّ‏.‏ قال الشاعر‏:‏

أثَرْت الغَيَّ ثم نزَعْت عَنْهُ*** كما حادَ الأزبُّ عن الطِّعانِ

ومن ذلك عامٌ أَزَبُّ، أي خصيب‏.‏

والأصل الآخر‏:‏ الزَّبيب، وهو معروف، ثم يشبَّه به، فيقال للنُّكتَتَيْنِ السّوداوينِ فوقَ عينَي الحيّة زبيبتان؛ وهو أخبثُ ما يكون من الحيّات‏:‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏يجيء كَنْزُ أحدِهِم يومَ القيامة شجاعاً أقرعَ له زَبيبتان‏"‏‏.‏ وربّما سمَّوا الزَّبَدَتَيْنِ زَبيبتين، يقال أنشَدَ فلانٌ حتَّى زَبَّبَ شِدْقاه، أي أزبدا‏.‏

قال الشاعر‏:‏

إنِّي إذا ما زَبَّبَ الأشداقُ***

وكَثُرَ الضِّجاجُ واللَّقْلاقُ

ثَبْتُ الْجَنانِ مِرْجَمٌ وَدَّاقُ

ومما شذَّ عن الباب الزَّبَاب‏:‏ الفارُ، الواحدُ زبابة‏.‏ وقد يحتمل، وهو بعيدٌ، أن يكون من الزَّبيب، وقد ذكرناه‏.‏

ومما هو شاذٌّ لا قياس له‏:‏ زَبَّتِ الشمس وأزَبّت‏:‏ دنت للغروب‏.‏

‏(‏زت‏)‏

الزاء والتاء كلمةٌ لا قياس لها‏.‏ يقال زَتَتُّ العروسَ، إِذا زيَّنتَها‏.‏ قال‏:‏

بَنِي تَميمٍ زَهنِعُوا فتاتَكُمْ*** إنَّ فتاةَ الحيِّ بالتَّزَتُّتِ

وقد تزتَّتَتْ، أي تزيَّنت‏.‏

‏(‏زج‏)‏

الزاء والجيم أصلٌ يدلُّ على رِقَّةٍ في شيء، من ذلك زُجُّ الرُّمْح والسّهمِ، وجمعه زِجاج بكسر الزاء‏.‏ يقال زَجَّجْتُه‏:‏ جعلت له زُجّاً فإذا نزَعْت زُجَّهُ قلت‏:‏ أزجَجْتُه‏.‏والزَّجَج‏:‏ دِقَّةُ الحاجبينِ وحُسْنُهما‏.‏ ويقال أنَّ الأزَجَّ من النعام‏:‏ الذي فوق عينه ريشٌ أبيض‏.‏

‏(‏زح‏)‏

الزاء والحاء يدلّ على البعد‏.‏ يقال زُحْزِحَ عن كذا، أي بُوعِدَ‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ‏}‏‏[‏آل عمران 185‏]‏‏.‏ أي بُوعِد‏.‏

‏(‏زخ‏)‏

الزاء والخاء أُصَيلٌ يدلُّ على الدَّفْع والمبايَنَة‏.‏ يقال زَخَخْتُ الشيءَ، إذا دفعتَهُ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏مَنْ نَبذَ القُرآنَ وراء ظَهرِهِ زُخَّ في قَفاه‏"‏‏.‏ وزَخَّها‏:‏ جامَعَها‏.‏ و*المِزَخَّة‏:‏ المرأة‏.‏ ومن الباب الزَّخَّة‏:‏ الحِقد والغَيظ‏.‏ قال‏:‏

فلا تَقْعُدَنّ على زَخَّةٍ*** وتُضْمِرَ في القلبِ وَجْداً وَخِيفَا

‏(‏زر‏)‏

الزاء والراء أُصَيلٌ يدلُّ على شِدَّة‏.‏ وشذَّ مِنْ ذلك الزِّرّ‏:‏ زِرُّ القميص‏.‏ ثم يشتقّ منه الزِّرُّ، يقال إنّه عظمٌ تحت القَلْب‏.‏ قال ابن السكّيت‏:‏ يقال للرّجلِ الحسن الرِّعْية للإبل‏:‏ إنّه لَزِرٌّ من أزرارها‏.‏ ومن الباب‏:‏ زَرَّتْ عينهُ، إذا توقَّدَت‏.‏ يقال عَيْناه تَزِرَّانِ في رأسهِ، إذا تَوقَّدَتا‏.‏ ومن الباب الزَّرُّ‏:‏ الشَّلُّ والطَّرد‏.‏ يقال هو يزُرُّ الكتائبَ بسيفهِ زَرَّا‏.‏ ومنه الزَّرُّ وهو العضُّ‏.‏ يقال‏:‏ حِمارٌ مِزَرٌّ‏.‏ ويقال الزَّرّة الحَرْبَة‏.‏ ومن الباب الزَّرِير، وهو الحَصيف السَّديد الرأي‏.‏ والله أعلم بالصَّواب‏.‏

‏(‏باب الزاء العين وما يثلّهما‏)‏

‏(‏زعف‏)‏

الزاء والعين والفاء أصيلٌ‏.‏ يقال سُمٌّ زُعافٌ‏:‏ قاتل‏.‏ وموتٌ زُعافٌ‏:‏ عاجل‏.‏ ويشبه أنْ يكون هذا من الإبدال، وتكون الزاء مبدلةً من ذال‏.‏ ويقال أزْعفته وزَعَفْتُهُ، إذا قتلتهُ‏.‏ وحُكِيَ‏:‏ زَعَفَ في حديثه‏.‏ أي كذَب‏.‏

‏(‏زعق‏)‏

الزاء والعين والقاف أصلٌ يدلُّ على شِدّةٍ في صياحٍ أو مرارةٍ أو مُلوحة‏.‏ يقال طعام مزعوقٌ، إذا كُثِّرَ مِلْحُه‏.‏ والماء الزُّعاق‏:‏ المِلْح‏.‏ فهذا في باب الطُّعوم‏.‏

وأما الآخَر فيقال زَعَقْتُ به، أي صِحْتُ به‏.‏ وانْزَعَقَ، إذا فَزِعَ‏.‏ والزَّعِق‏:‏ النشيط الذي يَفْزَع معَ نشاطهِ‏.‏ وفلان يَزْعَق دابّتَه، إذا طردهُ طرداً شديداً‏.‏ ورجلٌ زَاعِق‏.‏ وأزْعقه الخوفُ حتَّى زعق‏.‏ قال‏:‏

*من غائلاتِ اللَّيلِ والهَوْلِ والزَّعِقْ*

ويقال الزُّعاق النِّفار‏.‏ يقال منه وَعِل زَعّاق‏.‏ ومُهْرٌ مزعوق‏:‏ نشيط يفزَع مَعَ نشاطِهِ‏.‏ قال‏:‏

يارُبَّ مُهْرٍ مَزْعُوق***

مُقَيَّلٍ أومَغبوقْ

من لَبَن الدُّهْمِ الرُّوقْ

حتَّى شتا كالذُّعْلُوقْ***

أَسْرَعَ مِنْ طَرْفِ المُوقْ

وطائرٍ وذي فُوقْ

وكلِّ شيءٍ مخلوقْ

‏(‏زعك‏)‏

الزاء والعين والكاف أُصَيلٌ إن صحّ يدلُّ على تلبُّثٍ وحَقارةٍ ولُؤم‏.‏ يقولون إنَّ الأَزْعَكِيَّ‏:‏ الرَّجُلُ القصير اللئيم‏.‏ وكذلك الزُّعْكُوك‏.‏ قال الكِسائيّ‏:‏ يقال للقوم زَعْكة، إِذا لَبِثُوا ساعةً‏.‏ والزَّعاكيك من الإبل‏:‏ المتردِّدَة الَخَلْق، الواحدة زُعْكُوك‏.‏ قال‏:‏

* تستنُّ أولادٌ لها زَعاكِيكْ*

‏(‏زعل‏)‏

الزاء والعين واللام أُصَيلٌ يدلُّ على مَرَحٍ وقلّة استقرارٍ، لنشاطٍ يكون‏.‏ فالزَّعَل‏:‏ النّشاط‏.‏ والزَّعِل‏:‏ النشيط‏.‏ ويقال أَزْعَلَهُ السِّمَنُ والرَّعْي‏.‏ قال الهُذليّ‏:‏

أَكَلَ الجميمَ وطاوعتْه سَمحجٌ مثلُ القَناةِ وأزعَلَتْهُ الأَمْرُعُ

وقال طرفة‏:‏

ومَكانٌ زَعِلٍ ظِلْمانُهُ*** كالمَخَاض الْجُرْبِ في اليَوْمِ الخَصرْ

ورُبَّما حُمِلَ على هذا فسُمِّي المتضوِّر من الجُوعِ زَعِلاً‏.‏

‏(‏زعم‏)‏

الزاء والعين والميم أصلان‏:‏ أحدهما القولُ من غير صِحَّةٍ ولا يقين، والآخر التكفُّل بالشيء‏.‏

فالأوَّل الزَّعْم والزُّعْم‏.‏ وهذا القولُ على غير صحّة‏.‏ قال الله جلَّ ثناؤُهُ‏:‏

‏{‏زَعَمَ الَّذِينَ كفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا‏}‏ ‏[‏التغابن 7‏]‏‏.‏ وقال الشاعر‏:‏

زَعمتْ غُدانَةُ أنَّ فيها سيِّدا*** ضَخْمَاً يُوَارِيهِ جَناحُ الجُنْدَُبِ

ومن الباب‏:‏ زَعَم في غير مَزْعَم، أي طمِع في غيرمَطْمَع‏.‏ قال‏:‏

* زَعْماً لَعَمْرُ أبيكِ ليس بِمَزْعَمِ*

ومن الباب الزَّعُوم، وهي الجَزُور التي يُشَكُّ في سِـمنها فتُغْبَطُ بالأيدي‏.‏ والتَّزَعُّم‏:‏ الكذب‏.‏

والأصل الآخر‏:‏ زَعَم بالشّيء، إذا كَفَلَ به‏.‏ قال‏:‏

تُعاتِبُني في الرِّزْق عِرسي وإِنّما*** على الله أرزاقُ العبادِ كما زَعَمْ

أي كما كَفل‏.‏ ومن الباب الزَّعَامة، وهي السِّيادة؛ لأنّ السيِّد يَزْعُمُ بالأمورِ، أي يتكفل بها‏.‏ وأصدَقُ مِنْ ذلك قولُ الله جلَّ ثناؤُهُ‏:‏ ‏{‏ قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ المَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ‏}‏ ‏[‏يوسف 72‏]‏‏.‏ ويقال الزّعامة حَظّ السيِّد من المَغْنَم، ويقال بل هي أفضل المال‏.‏ قال لبيد‏:‏

تَطِيرُ عَدائِدُ الإشراكِ وَِتْراً*** وشَفْعَاً والزَّعامةُ للغُلامِ

‏(‏زعب‏)‏

الزاء والعين والباء أصلٌ واحد يدلُّ على الدَّفْعِ والتّدافع‏.‏ يقال من ذلك الزَّعْب الدَّفْع‏.‏ يقال زعَبْتُ له زَعْبَةً من المال‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"‏وأَزْعَبُ لك زَعْبَةً من المال‏"‏‏.‏ ويقال جاء سيلٌ يَرْعَبُ الوادِي ـ هذا غير معجم ـ إذا مَلأَه‏.‏ وجاء سيلٌ يَزْعَبُ، بالزَّاء، إذا تدافَعَ‏.‏ ويقال إنَّ الزَّاعب السَّيَّاح في الأرض‏.‏ قال ابن هَرْمَة‏:‏

* يكادُ يَهْلِكُ فيها الزّاعبُ الهاِدي*

والزَّاعِبِيَّة‏:‏ الرّماح‏.‏ قال الخليل‏:‏ هي منسوبة إلى زاعب‏.‏ ولم يَظْهَرْعِلْمُ زاعبِ‏:‏ أَرَجُلٌ أم بلد، إِلاّ أَنْ يولِّده مولّد‏.‏ وقال غيره‏:‏ الزَّاعِبيُّ هو الذي إذا هُزَّ تدافَعَ من أوّله إلى آخرِهِ، كأنَّ ذلك مَقِيسٌ على تزاعُب الماء في الوادي، وهو تدافُعُه‏.‏ وهذا هو الصحيح‏.‏ ويقال زَعَب الرَّجُلُ المرأةَ، إذا جامعها‏.‏ وهذا هو بالراء أحسَنُ‏.‏ وقد مضى‏.‏

وبقي في الباب كلمةٌ واحدةٌ إنْ صحّتْ فهي من باب الإبدال‏.‏ يقولون‏:‏ الزُّعْبُوب القصِير من الرِّجال، ولعلَّهُ أن يكون الذُّعبوب‏.‏

‏(‏زعج‏)‏

الزاء والعين والجيم أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على الإقلاق وقلّة الاستقرار‏.‏ يقال أَزْعَجْتُه أزْعِجُه إزعاجاً‏.‏ ويقال أَزْعَجْتُه فشَخَص‏.‏ قال الخليل‏:‏ لو قيل انْزَعَجَ لكان صواباً‏.‏

‏(‏زعر‏)‏

الزاء والعين والراء أُصَيلٌ يدلُّ على سُوء خُلُق وقلَّةِ خَير‏.‏ فالزّعارة‏:‏ شراسَة الخُلُق‏.‏ وهو على وزن فَعالة‏.‏ ومن الباب الأَزْعر‏:‏ المكان القليل النَّبات‏.‏ ويقال إنَّ الزعارة لا يُبنَى منها تصريفُ فعلٍ‏.‏ ومن الباب الأزعر‏:‏ القليل الشَّعر‏.‏ والمرأة زَعْرَاء؛ وقد زَعِرَ يَزْعَر‏.‏ واللهُ أعلم‏.‏

‏(‏باب الزاء والغين وما يثلثهما‏)‏

‏(‏زغف‏)‏

الزاء والغين والفاء أُصَيلٌ صحيحٌ يدلُّ على سَعةٍ وفَضْل‏.‏ من ذلك الزَّغْفة‏:‏ الدرع؛ والجمع الزَّغْف، وهي الواسعة‏.‏ وربما قالوا زَغَفة وزَغَف‏.‏ قال‏:‏

أيمنَعُنا القومُ ماءَ الفُراتِ*** وَفينا السُّيوفُ وفينا الزَّغَفْ

ويقال رجل مِزْغَفٌ‏:‏ نَهِمٌ رَغِيبٌ‏.‏ قال الأصمعيّ‏:‏ زَغَفَ في حديثه‏:‏ زاد‏.‏

‏(‏زغل‏)‏

الزاء والغين واللام أصلٌ يدلُّ على رَضاع وزَقٍّ وما أشبهه‏.‏ يقال أَزْغَلَ الطّائِرُ فَرخَه، إذا زَقّه‏.‏ قال ابن أحمر‏:‏

فأَزْغَلَتْ في حَلْقِهِ زُغْلَةً*** لم تُخْطِئ الجِيدَ ولم تَشْفَتِرّْ

قال‏:‏ وهو من قولهم‏:‏ أَزْغِلي لـه زُغْلةً من سِقائِك، أي صُبِّي لـه شيئاً مِنْ لَبَن‏.‏ ويقال أَزْغَلَت المرأةُ من عَزْلائِها، أي صَبَّت‏.‏

ومما شذّ عن الباب‏:‏ الزُّغلول من الرِّجال‏:‏ الخفيف‏.‏

‏(‏زغم‏)‏

الزاء والغين والميم أُصَيْلٌ يدلُّ على ترديد صوتٍ خفيّ‏.‏ قالوا‏:‏ تزغَّمَ الجملُ، إذا ردَّدَ رُغَاءَه في خَفاءٍ ليس شديدا‏.‏ ومنه التزَغم، وهو التَّغَضُّب، كأنه في غَضَبِهِ يردِّدُ صوتاً في نفسه‏.‏ وذكرَ ناسٌ‏:‏ تَزغَّمَ الفصيلُ لأمِّه، إذا حنَّ حنيناً خفياً‏.‏

‏(‏زغب‏)‏

الزاء والغين والباء أُصَيْلٌ صحيح، وهو الزّغَب، أوّلُ ما ينبتُ من الرِّيش‏.‏ وقد يُزْغِبُ الكَرْمُ، بعد جَرْيِ الماءِ فيه‏.‏

‏(‏زغد‏)‏

الزاء والغين والدال أُصَيْلٌ يدل على تعصُّر في صوتٍ‏.‏

من ذلك الزَّغْد، وهو الهدير يتعصَّر فيه الهادرُ‏.‏ وأصلهُ زغد عُكَّتَه، إذا عَصَرَها ليُخرِجَ سَمْنَها‏.‏

‏(‏زغر‏)‏

الزاء والغين والراء أُصَيْلٌ‏.‏ يقال زَغَر الماءُ وزَخَر‏.‏ وليس هذا عندي من جهةِ الإبدال؛ لأن قياسَ زَغَر قياسٌ صحيح، وسيجيء*في الرباعيّ ما يصحِّحه‏.‏ وذكر ابن دُريد أنَّ الزّغر الاغتصاب؛ يقال زَغَرْت الشيء زَغْراً‏.‏ قال‏:‏ والزغْر فعلٌ مُماتٌ‏.‏ وزُغَر‏:‏ اسمُ امرأةٍ، يقال أن عين زُغَر إليها تُنْسَب‏.‏

‏(‏باب الزاء والفاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏زفن‏)‏

الزاء والفاء والنون ليس عندي أصلاً، ولا فيه ما يُحتاج إليه‏.‏ يقولون‏:‏ الزَّفْن‏:‏ الرَّقْص‏.‏ ويقولون‏:‏ الزّيفن‏:‏ الشّديد‏.‏ وليس هذا بشيء‏.‏‏

‏(‏زفي‏)‏

الزاء والفاء والحرف المعتل يدلّ على خفّةٍ وسُرعة‏.‏ من ذلك زَفَتِ الرِّيح التُّرابَ، إذا طردَتْهُ عن وجهِ الأرضِ‏.‏ والزَّفيانُ‏:‏ شِدَّة هُبوب الريح‏.‏ ويقال ناقةٌ زَفَيانٌ‏:‏ سريعة‏.‏ وقوسٌ زَفيانٌ‏:‏ سريعة الإرسال للسَّهم‏.‏ ويقال زَفَى الظَّليمُ زَفْياً، إذا نشر جنَاحَه‏.‏‏

‏(‏زفر‏)‏

الزاء والفاء والراء أصلان‏:‏ أحدُهما يدلُّ على حِمْل، والآخر على صَوْتٍ من الأصوات‏.‏‏

فالأول الزِّفْر‏:‏ الحِمْل، والجمع أزفار‏.‏ وازْدَفَرَه، إذا حمله، وبذلك سمِّي الرجل زُفَر،لأنه يزدَفِر بالأموال مطيقاً لها، ومن الباب الزَّافرة‏:‏ عشيرةُ الرَّجُل؛ لأنهم قد يتحمَّلون بعضَ ما ينُوبُهُ‏.‏ وزَُفْرَة الفَرس‏:‏ وسطُه‏.‏ والزَّفْرُ‏:‏ القِرْبة، ومنه قيل للإماء التي تحمل القِرَب زوافر‏.‏ ويقولون‏:‏ الزُّفَر‏:‏ الرجل السيِّد‏.‏ قال‏:‏‏

* يأبى الظُّلامةَ منه النَّوْفلُ الزُّفَر*‏

والقياس فيه كلِّه واحد‏.‏ وزِفْر المسافر‏:‏ جِهازه‏.‏ ويقال الزُّفَر‏:‏ النَّهر الكبير، ويكون سمِّي بذلك لأنَّه كثير الحملِ للماءِ‏.‏‏

‏(‏زفل‏)‏

الزاء والفاء واللام هي الأَزْفَلة، وهي الجماعة‏.‏ يقال جاؤوا بأَزْفَلَتهم، أي جماعتهم‏.‏‏

‏(‏زفت‏)‏

الزاء والفاء والتاء ليس بشيء، إلاَّ الزِّفْت، ولا أدري أعربيٌّ أم غيره‏.‏ إلاَّ ‏[‏أنَّهُ‏]‏ قد جاء في الحديث‏:‏ ‏"‏المُزَفَّت‏"‏، وهو المطليُّ بالزِّفت‏.‏ والله أعلم بالصواب‏.‏‏

‏(‏باب الزاء والقاف وما يثلثهما‏)‏

‏(‏زقم‏)‏

الزاء والقاف والميم أُصَيْلٌ يدلُّ على جِنْسٍ من الأَكْلِ‏.‏ قال الخليل‏:‏ الزَّقْمُ‏:‏ الفِعْل، من أكل الزَّقُّومِ‏.‏ والازْدِقَام‏:‏ الابتلاع‏.‏ وذكر ابن دريد أنَّ بعض العرب يقول‏:‏ تزقّم فلانٌ اللّبن، إذا أفرطَ في شُرْبِهِ‏.‏‏

‏(‏زقل‏)‏

الزاء والقاف واللام ليس بشيء‏.‏ على أنَّه حكِيَ عن بعض العرب‏:‏ زَوْقَلَ فلانٌ عِمَامتَه، إذا أرخىطرَفَيْها من ناحيتَيْ رأسِه‏.‏‏

‏(‏زقو‏)‏

الزاء والقاف والحرف المعتل أُصَيْلٌ يدلُّ على صوتٍ من الأصوات‏.‏ فالزَّقْو‏:‏ مصدرُ زَقَا الدِّيك يَزْقُو، ويقال إن كلَّ صائحٍ زَاقٍ‏.‏ وكانت العرب تقول‏:‏ ‏"‏هو أَثْقَلُ من الزّواقي‏"‏، وهي الدِّيَكة؛ لأنهم كانوا يَسْمُرون فإذا صاحت الدِّيكة تفرَّقُوا‏.‏ والزُّقَاء‏:‏ زُقَاء الدِّيك‏.‏‏

‏(‏زقب‏)‏

الزاء القاف والباء كلمة‏.‏ يقال طريقٌ زَقَبٌ‏.‏ أي ضيِّق‏.‏‏

‏(‏زقن‏)‏

الزاء والقاف والنون ليس بشيء، على أنَّهم ربَّما قالوا‏:‏ زَقَنْتُ الحِمْلَ أزقُنُه، إذا حَمَلْتَه‏.‏وأزقَنْتُ فلاناً‏:‏ أعنتُهُ على الحِمْل‏.‏ والله

أعلم بالصواب‏.‏‏

‏(‏باب الزاء والكاف وما يثلثهما‏)‏

‏(‏زكل‏)‏

الزاء والكاف واللام ليس بأصل، وقد جاءت فيه كلمة‏:‏ الزَّوَنْكَل من الرجال‏:‏ القصير‏.‏‏

‏(‏زكم‏)‏

الزاء والكاف والميم ليس فيه إلا الزُّكمَة والزُّكَام، ويستعيرون ذلك فيقولون‏:‏ فُلان زُكْمَة أبويه، وهو آخر أولادهما‏.‏‏

‏(‏زكن‏)‏‏:‏

الزاء والكاف والنون أصلٌ يُختلَف في معناه‏.‏ يقولون هو الظّنُّ، ويقولون هو اليقين‏.‏ وأهل التحقيق من اللغويِّين يقولون‏:‏ زكِنْتُ منك كذا، أي علِمْته‏.‏ قال‏:‏‏

ولن يُراِجعَ قلبي حبَّهم أبداً*** زَكِنْتُ منهم على مثل الذي زَكِنوا‏

قالوا‏:‏ ولا يقال أَزْكَنْت، على أن الخليل قد ذكر الإِزْكان‏.‏ ويقال‏:‏ إنَّ الزَّكَن الظَّنّ‏.‏‏

‏(‏زكي‏)‏

الزاء والكاف والحرف المعتلّ أصلٌ يدل على نَمَاءٍ وزيادة‏.‏ ويقال الطَّهارة زكاة المال‏.‏ قال*بعضهم‏:‏ سُمِّيت بذلك لأنَّها مما يُرجَى به زَكاءُ المال، وهو زيادتهُ ونماؤه‏.‏ وقال بعضُهم‏:‏سمِّيت زكاةً لأنّها طهارة‏.‏ قالوا‏:‏ وحُجّة ذلك قولُهُ جلَّ ثناؤُه‏:‏ ‏{‏خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا‏}‏ ‏[‏التوبة 103‏]‏‏.‏ والأصل في ذلك كلِّه راجع إلى هذين المعنيين، وهما النَّماء والطهارة‏.‏ ومن النَّماء‏:‏ زرْع زاكٍ، بيِّن الزكاء‏.‏ ويقال هو أمْرٌ لا يَزْكُو بفلانٍ، أي لا يليق به‏.‏ والزَّكا‏:‏ الزَّوْج، وهو الشّفع‏.‏‏

فأمَّا المهموز فقريبٌ من الذي قبله‏.‏ قال الفرّاء‏:‏ رجلٌ زُكَأةٌ‏:‏ حاضِر النَّقد كثيرُهُ‏.‏ قال الأصمَعيّ‏:‏ الزُّكَأَةُ‏:‏ الموسِر‏.‏‏

وممّا شذَّ عن الباب جميعاً قولهم‏:‏ زَكَأَتِ الناقة بولدها تَزْكَأُ به زَكْأً، إذا رمَتْ به عند رجليها‏.‏‏

‏(‏زكر‏)‏

الزاء والكاف والراء أُصَيلٌ إن كان صحيحاً يدلُّ على وِعاء يسمى الزُّكْرة‏.‏ ويقال زَكَّرَ الصبيُّ وتزكَّر‏:‏امتلأ بطنُهُ‏.‏‏

‏(‏زكت‏)‏

الزاء والكاف والتاء أصلٌ إن صحَّ‏.‏ يقال زَكَتُّ الإناء‏:‏ ملأته‏.‏ والله أعلم‏.‏‏

‏(‏باب الزاء واللام وما يثلثهما‏)‏

‏(‏زلم‏)‏

الزاء واللام والميم أصلٌ يدل على نَحَافةٍ ودِقّة في ملاسة‏.‏ وقد يشذّ عنه الشيء‏.‏ فالأصل الزَّلَمْ والزُّلَم‏:‏ قِدْح يُسْتَقْسَمُ به‏.‏ وكانوا يفعلون ذلك في الجاهليّة، وحُرِّمَ ذلك في الإسلام، بقولـه جلّ ثناؤه‏:‏ ‏{‏وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بالأَزْلاَم‏}‏ ‏[‏المائدة 3‏]‏‏.‏ فأمَّا قول لبيد‏:‏

* تَزِلُّ عن الثَّرَى أزلامُها*

فيقال إنّه أراد أظلاف البقرة؛ وهذا على التشبيه‏.‏

ويقولون‏:‏ رجلٌ مُزَلَّمٌ‏:‏ نَحيف‏.‏ والزَّلَمة‏:‏ الهَنَة المتدلِّية من عُنُق الماعزة، ولها زَلمتان‏.‏ والزَّلَمُ أيضاً‏:‏ الزَّمَع التي تكون خَلْفَ الظِّلْف‏.‏ ومن الباب المُزَلَّم‏:‏ السيِّئ الغِذاء، وإِنَّما قيل لـه ذلك لأنه يَنْحَُف ويَدِقُّ‏.‏ فأمَّا قولهم‏:‏ ‏"‏هو العبد زَُلْمَةً‏"‏، فقال قومٌ‏:‏ معناه خالصٌ في العُبودية، وكان الأصل أنَّه شُبِّه بِما خَلف الأظلاف من الزَّمَع‏.‏ وأمَّا الأزْلَم الجَذَع، فيقال إنَّه الدَّهر، ويقال إنَّ الأسَد يسمَّى الأزلم الجَذَع‏.‏

‏(‏زلج‏)‏

الزاء واللام والجيم أُصَيْلٌ يدلُّ على الاندفاع والدَّفْع‏.‏ من ذلك المُزَلَّج من العيش، وهو المُدَافعُ بالبُلْغَة‏.‏ والمُزَلَّج‏:‏ الذي يُدفَع عن كلِّ خيرٍ من كِفَايةٍ وغَناء‏.‏ قال‏:‏

دعَوْتُ إلى ما نابني فَأَجابَني*** كريمٌ من الفِتْيانِ غيرُ مُزَلَّجِ

والزَّلْج‏:‏ السُّرْعَة في المشْيِ وغيرِه، وكلُّ سريعٍ زالجٌ‏.‏ وسَهْمٌ زالجٌ‏:‏ يتزَلّج من القَوس‏.‏ والمُزَلَّج‏:‏ المدفوع عن حَسَبه‏.‏ فأمّا المِزْلاج فالمرأة الرَّسْحَاء، وكأنها شُبِّهت في دِقّتها بالسَّهم الزّالج‏.‏

‏(‏زلح‏)‏

الزاء واللام والحاء ليس بأصل في اللغة منقاسٍ، وقد جاءت فيه كلماتٌ الله أعلَمُ بصحَّتها، يقولون‏:‏ قَصعة زَلَحْلَحَةٌ، وهي التي لا قَعْرَ لها‏.‏

وقال ابن السِّكيت‏:‏ الزَّلَحْلَحُ من الرِّجال‏:‏ الخفيف‏.‏ وقالوا‏:‏ الزَّلَحْلَحُ الوادي الذي ليس بعميقٍ‏:‏ فإن كان هذا صحيحاً فالكلمةُ تدلُّ على تبسُّط الشَّيءِ من غير قعر يكون لـه‏.‏

‏(‏زلخ‏)‏

الزاء واللام والخاء أصلٌ إنْ صحَ يدلُّ على تزلُّق الشَّيء‏.‏ فالزَّلْخ‏:‏ المَزَِلَّة‏.‏ ويقال بئرٌ زَلُوخٌ، إذا كان أعلاها مَزَِلّة يُزْلِق مَنْ قام عليه‏.‏ ويقال إنَّ الزَّلْخ‏:‏ رفْعُك يدَك في رَمْي السهم إلى أقصى ما تقدِرُ عليه، تريد به الغَلْوة‏.‏ قال‏:‏

* مِنْ مائةٍ زَلْخ بِمِرِّيخٍ غالْ*

وقال بعضهم الزَّلْخُ‏:‏ أقصى غايةِ المغَالي، ويقولون‏:‏ إن الزُّلَّخَة عِلّة‏.‏ وهو كلامٌ يُنْظَرُ فيه‏.‏

‏(‏زلع‏)‏

الزاء واللام والعين أصلٌ يدلُّ على تَفَطُّرٍ وزَوَالِ شيء عن مكانه‏.‏ فالزَّلَع‏:‏ تفطُّر الجِلد‏.‏ تَزَلَّعَت يدُهُ‏:‏ تشقَّقَت‏.‏ ويقال‏:‏ زَلِعَت جراحته‏:‏ فسدَتْ‏.‏ قال الخليل‏:‏ الزَّلَع‏:‏ شُقاقُ ظاهِرِ الكفّ‏.‏ فإن كانَ في الباطن فهو كَلَع‏.‏ والزَّلْع‏:‏ استلابُ شيءٍ في خَتْل‏.‏

‏(‏زلف‏)‏

الزاء واللام والفاء يدلُّ* على اندفاعٍ وتقدمٍ في قرب إلى شيء‏.‏ يقال من ذلك ازدَلَف الرجلُ‏:‏ تقدَّم‏.‏ وسمِّيَت مُزْدَلِفَة بمكة، لاقترابِ الناس إلى مِنَىً بعد الإفاضة من عَرَفات‏.‏ ويقال لفُلانٍ عند فلانٍ زُلفَى، أي قرْبى‏.‏ قال الله جلَّ وعزَّ‏:‏ ‏{‏وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى‏}‏ ‏[‏ص 25 و 40‏]‏‏.‏ والزَّلف والزُّلْفَة‏:‏ الدَّرجة والمنْزلة‏.‏ وأزْلَفت الرجلَ إلى كذا‏:‏ أدنَيته‏.‏ فأما قولُ القائل‏:‏

حتى إذا ماءُ الصَّهاريجِ نَشَفْ*** من بَعدِ ما كانت مِلاَءً كالزَّلَفْ

فقال قومٌ‏:‏ الزَّلَف‏:‏ الأجاجِينُ الخُضْر‏.‏ فإن كان كذا فإِنما سُمِّيَت بذلك لأن الماء لا يثبُت فيها عند امتلائِها، بل يندفع‏.‏ وقال قومٌ‏:‏ المزالف هي بلادٌ بين البرِّ والرِّيف‏.‏ وإنّما سُمِّيت بذلك لقُرْبِها من الرِّيف‏.‏ وأما الزُّلَف من الليل، فهي طوائفُ منه؛ لأنَّ كلَّ طائفةٍ منها تقربُ من الأخرى‏.‏

‏(‏زلق‏)‏

الزاء واللام والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تزلُّج الشيء عن مقامهِ‏.‏ من ذلك الزَّلَق‏.‏ ويقال أَزْلَقَتِ الحامل، إذا أَزْلَقَتِ ولدَها‏.‏ ويقال ـ وهو الأصحُّ ـ إِذا ألقَتِ الماء ولم تقبَلْهُ رَحِمُها‏.‏ والمَزْلَقَة والمَزْلَق‏:‏ الموضع لا يُثْبَت عليه‏.‏ فأمَّا قَولُه جلَّ ثناؤُه‏:‏ ‏{‏وَإِنْ يَكَادُ الَّذينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ‏}‏ ‏[‏القلم 51‏]‏‏.‏ فحقيقة معناه أنَّه مِنْ حِدّة نظرِهما حَسَدَاً، يكادون يُنحُّونَك عن مكانِك‏.‏ قال‏:‏

* نظراً يُزيل مواطئ الأقدامِ*

ويقال إنَّ الزَّلِق‏:‏ الذي إذا دنا من المرأة رَمَى بِمائِهِ قبل أن يَغْشاها‏.‏ قال‏:‏

* إنَّ الزُّبير زَلِقٌ وَزُمَّلِق*

وقال ابنُ الأعرابيّ‏:‏ زَلَقَ الرَّجلُ رأسه‏:‏ حَلَقه‏.‏ فأما قولُ رُؤبة‏:‏

* كَأَنّها حَقْبَاءُ بَلْقَاءُ الزَّلَقْ*

فيقال إنّ الزَّلَق العَجُز منها ومِنْ كلِّ دابة‏.‏ وسُمِّيت بذلك لأنَّ اليدَ تَزْلَقُ عنها، وكذلك ما يصيبُها من مَطَرٍ وندى‏.‏ والله أعلم‏.‏

‏(‏باب الزاء والميم وما يثلثهما‏)‏

‏(‏زمن‏)‏

الزاء والميم والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على وَقتٍ من الوقت‏.‏ من ذلك الزَّمان، وهو الحِين، قليلُهُ وكثيرُهُ‏.‏ يقال زَمانٌ وزَمَن، والجمع أَزمانٌ وأزمنَة‏.‏ قال الشَّاعر في الزّمن‏:‏

وكنتُ امرأً زَمَناً بالعرَاقِ*** عَفيف المُناخِ طويلَ التَّغَنّْ

وقال في الأزمان‏:‏

*أزمانَ لَيْلَى عامَ لَيْلَى وَحَمي*

ويقولون‏:‏ ‏"‏لقيتُهُ ذات الزُّمَيْن‏"‏ يُراد بذلك تراخِي المُدّة‏.‏ فأما الزّمانة التي تصِيب الإنسانَ فتُقْعِده، فالأصلُ فيها الضّاد، وهي الضَّمَانة‏.‏ وقد كُتِبَتْ بقياسها في الضّاد‏.‏

‏(‏زمت‏)‏

الزاء والميم والتاء ليس أصلاً؛ لأنَّ فيه كلمةً وهي من باب الإبدال‏.‏ يقولون رجلٌ زَمِيت وزِمِّيت، أي سِكّيت‏.‏ والزاء في هذا مبدلة من صاد، والأصل الصَّمْت‏.‏

‏(‏زمج‏)‏

الزاء والميم والجيم ليس بشيء‏.‏ ويقولون‏:‏ الزُّمَّج‏:‏ الطائر‏.‏ والزِّمِجَّى‏:‏ أصل ذَنَب الطّائر‏.‏ والأصل في هذا الكاف‏:‏ زِمِكَّى‏.‏ ويقال زَمَجْتُ السِّقاء‏:‏ ملأتُهُ‏.‏ وهذا مقلوبٌ، إنما هو جَزَمْتُهُ‏.‏ وقد مضى ذِكرُه‏.‏

‏(‏زمح‏)‏

الزاء والميم والحاء كلمةٌ واحدة‏.‏ يقولون للرّجُل القَصير‏:‏ زُمَّح‏.‏

‏(‏زمخ‏)‏

الزاء والميم والخاء ليس بأصل‏.‏ قال الخليل‏:‏ الزامخ الشّامخ بأنفه‏.‏ والأُنُوف الزُّمّخ‏:‏ الطوال‏.‏ وهذا إن كان صحيحاً فالأصل فيه الشين ‏"‏شمخ‏"‏‏.‏

‏(‏زمر‏)‏

الزاء والميم والراء أصلان‏:‏ أحدهما يدلُّ على قِلّة الشيء، والآخر جنسٌ من الأصوات‏.‏

فالأوّل الزَّمَر‏:‏ قلّة الشِّعَْر‏.‏ والزَّمِر‏:‏ قليل الشَّعرْ‏.‏ ويقال رجلٌ زَمِرُ المروءة، أي قليلها‏.‏

الأصل الآخر الزَّمْر والزِّمار‏:‏ صوت النعامة‏.‏ يقال زَمَرت تَزْمُر وتَزْمِر زِماراً‏.‏

وأما الزَّمَّارة التي جاءت في الحديث‏:‏ ‏"‏أنَّه نَهَى عن كسْب الزَّمَّارة‏"‏ فقالوا‏:‏ هي الزَّانية‏.‏ فإنْ صحَّ هذا فلعل نَغْمتها شُبّهت بالزَّمْر‏.‏ على أنهم قد قالوا إنما هي الرّمّازة‏:‏ التي ترمِز بحاجبيها للرجال‏.‏ وهذا أقرب‏.‏

‏(‏زمع‏)‏

الزاء والميم والعين أصلٌ واحد يدلّ على الدُّون والقِلّة والذِّلّة‏.‏

من ذلك الزَّمَع، وهي التي تكون خَلف أظلاف الشّاء‏.‏ وشبه بذلك رُذَال الناس‏.‏ فأمّا قول الشمَّاخ‏:‏

* عكرِشَةٍ زَمُوعِ*

فالعِكرشة الأُنثى من الأرانب‏.‏ والزَّمُوع‏:‏ ذات الزَّمَعات‏.‏ فهذا هذا الباب‏.‏

وأمّا قولهم في الزَّماع، وأزْمَع كذا، فهذا لـه وجهان‏:‏ أحدهما أن يكون مقلوباً من عزم، والوجه الآخَر أن تكون الزاء ‏[‏مبدلةً‏]‏ من الجيم، كأنّهُ مِن إجماع القوم وإجماع الرأي‏.‏

ومن الباب قولهم للسّريع‏:‏ زميع‏.‏ وينشدون‏:‏

* داعٍ بعاجلةِ الفِراقِ زَميعُ*

قالوا‏:‏ والزّميع الشجاع الذي يُزْمِع ثم لا ينثني، والجميع الزُّمَعاء‏.‏ والمصدر الزَّمَاع‏.‏ قال الكسائيّ‏:‏ رجلٌ زَمِيع الرّأي، أي جيِّده‏.‏ والأصلُ فيه ما ذكرتُهُ من القلب أو الإبدال‏.‏

وأمَّا الزَّمَع الذي يأخذُ الإنسانَ كالرِّعدة، فهو كلامٌ مسموع، ولا أدري ما صحَّتُهُ، ولعلَّهُ أن يكون من الشاذّ عن الأصل الذي أصَّلتُهُ‏.‏

‏(‏زمق‏)‏

الزاء والميم والقاف ليس بشيء، وإن كانوا يقولون‏:‏ زَمَقَ شَعَره، إذا نَتَفه‏.‏ فإنْ صَحَّ فالأصل زَبقَ‏.‏ وقد ذكر‏.‏

‏(‏زمك‏)‏

الزاء والميم والكاف‏.‏ ذكر ابنُ دريد وغيره أنَّ الزاء والميم والكاف تدلُّ على تداخُل الشيء بعضه في بعض‏.‏ قال‏:‏ ومنه اشتقاق الزِّمِكَّى، وهي مَنْبِت ذنَب الطائر‏.‏

‏(‏زمل‏)‏

الزاء والميم واللام أصلان‏:‏ أحدهما يدلُّ علىحَملِ ثِقْل من الأثقال، والآخر صوتٌ‏.‏

فالأول الزَّامِلة، وهو بعيرٌ يستظهِرُ به الرَّجل، يحملُ عليه متاعَه‏.‏ يقال ازدَمَلْت الشّيءَ، إذا حملتَه‏.‏ ويقال عِيالاتٌ أَزْمَلَةٌ، أي كثيرة‏.‏ وهذا من الباب، كأنَّهُمْ كَلُّ أحمالٍ، لا يضطلعون ولا يطيقون أنفسَهم‏.‏

ومن الباب الزُّمَّيل، وهو الرجل الضعيف، الذي إِذا حَزَبهُ أمرٌ تَزَمَّلَ، أي ضاعَفَ عليه الثِّياب حتَّى يصير كأنّه حِمْل‏.‏ قال أُحيحة‏:‏

لا وأبيك ما يُغنِي غَنائِي*** من الفِتيانِ زُمَّيل كَسُولُ

والمُزَامَلة‏:‏ المعادلة على البعير‏.‏

فأمّا الأصل الآخَر فالأزْمَلُ، وهو الصّوتُ في قول الشاعر‏:‏

* لها بعد قِرَّاتِ العَشيّاتِ أَزْمَلُ*

ومما شذّ عن هذين الأصلين الإِزْمِيل‏:‏ الشَّفْرَة‏.‏ ومنه أخذت الشيءَ بأَزْمَلِه‏.‏

‏(‏باب الزاءِ والنون والحرف المعتل‏)‏

‏(‏زني‏)‏

الزاء والنون والحرف المعتل لا تتضايف، ولا قياس فيها لواحدةٍ على أخرى‏.‏ فالأوَّل الزِّنَى، معروف‏.‏ ويقال إنّه يمدّ ويقصر‏.‏ وينشد للفرزدق‏:‏

أبا حاضِرٍ مَنْ يَزْنِ يُعرَف زنَاؤُهُ*** ومن يَشْرَبِ الخمر لا بدّ يَسْكرُ

ويقال في النسبة إلى زِنَىً زِنَويّ، وهو لزِنْيَةٍ وزَنْيَةٍ، والفتح أفصح‏.‏

والكلمة الأخرى مهموز‏.‏ يقال زَنَأت في الجبل أزنأ زُنُوءَاً وزَنْأً‏.‏ والثالثة‏:‏ الزَّنَاء، وهو القصير من كلِّ شيء‏.‏ قال‏:‏

وتُولجُ في الظِّلِّ الزَّنَاء رؤوسَها*** وتحسَِبُها هِيماً وهنَّ صحائحُ

وقال آخر‏:‏

وإِذَا قُذِفْتُ إلى زَنَاءٍِ قعْرُها*** غبراءَ مُظْلِمةٍ منَ الأحْفارِ

والرابعة‏:‏ ‏(‏الزَّنَاء‏)‏

‏:‏ الحاقن بولَه‏.‏ ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنْ يصلي الرجل وهو زَنَاء‏.‏

‏(‏زنج‏)‏

الزاء والنون والجيم ليس بشيء‏.‏ على أَنهم يقولون الزَّنَج‏:‏ العطش، ولا قياس لذلك‏.‏

‏(‏زنح‏)‏

الزاء والنون والحاء كالذي قبله‏.‏ وذكر بعضهم أن التزَنُّح التفتُّح في الكلام‏.‏

‏(‏زند‏)‏

الزاء والنون* والدال أصلان‏:‏ أحدهما عضو من الأعضاء، ثم يشبه به‏.‏ والآخَر دليلُ ضيقٍ في شيء‏.‏

فالأوَّل الزَّند، وهو طَرَف عظم الساعد، وهما زَنْدان، ثم يشبه به الزند الذي يُقدَح به النار، وهو الأعلى، والأسفل الزَّنْدَة‏.‏

والأصل الآخر‏:‏ المُزَنَّد؛ يقال ثوبٌ مُزَنَّد، إذا كان ضيّقاً؛ وحوضٌ مُزنّدٌ مثله‏.‏ ورجلٌ مزنَّد‏:‏ ضيِّق الخُلُقِ‏.‏ قال ابن الأعرابي‏:‏ يقال تزنَّد فلانٌ، إذا ضاقَ بالجوابِ وغضِب‏.‏ قال عديّ‏:‏

* فقُلْ مثلَ ما قالوا ولا تتَزَنَّدِ*

ومن الباب المُزَنَّد، وهو الحمِيل، يقال زنَّدْتُ الناقة، إذا خَلَّلت أشاعرها بأخِلّة صغار، ثُمَّ شددتَها بشَعر، وذلك إذا انْدحفت رحِمُها بعد الولادة‏.‏

‏(‏زنر‏)‏

الزاء والنون والراء ليس بأصلٍ؛ لأنّ النون لا يكون بعدها راء‏.‏ على أنّ في الباب كلمة‏.‏ يقولون‏:‏ إن الزَّنانِير الحصى الصِّغار إذا هبَّت عليها الريحُ سمعتَ لها صَوتاً‏.‏ ‏[‏والزَّنَانِير‏:‏ أرضٌ بقرب جُرَشَ‏]‏‏.‏ وقال ابن مقْبل‏:‏

*زَنَانِيرُ أَرواحَ المصيفِ لها*

‏(‏زنق‏)‏

الزاء والنون والقاف أصل يدلُّ على ضيقٍ أو تضْييق‏.‏ يقولون‏:‏ زَنَقْت الفَرسَ، إذا شَكَلْته في قوائمه الأربع‏.‏ والزَّنقَة كالمدخل في السِّكّة وغيرها في ضيق وفيها مَيل‏.‏ ويقال لضربٍ من الحُليّ زِنَاقٌ‏.‏

‏(‏زنك‏)‏

الزاء والنون والكاف ليس أصلاً ولا قياسَ لـه‏.‏ وقد حُكِيَ الزَّوَنَّك‏:‏ القصير الدَّميم‏.‏

‏(‏زنم‏)‏

الزاء والنون والميم أصلٌ يدلُّ على تعليق شيء بشيء‏.‏ من ذلك الزَّنيم، وهو الدَّعِيُّ‏.‏ وكذلك المُزَنَّمُ؛ وشُبّه بزنَمَتَي العنز، وهما اللتان تتعلَّقان من أذنها‏.‏ والزَّنَمة‏:‏ اللَّحمة المتدلّية في الحلْق‏.‏ وقال الشاعر في الزَّنيم‏:‏

زَنيمٌ تَداعاهُ الرِّجالُ زيادةً*** كما زِيدَ في عَرضِ الأديمِ الأكارعُ

‏(‏باب الزاءِ والهاءِ والحرف المعتل‏)‏

‏(‏زهو‏)‏

الزاء والهاء والحرف المعتل أصلان‏:‏ أحدها يدلُّ على كِبْر وفَخْر، والآخر على حُسْن‏.‏

فالأوَّل الزَّهْو، وهو الفخر‏.‏ قال الشاعر‏:‏

مَتى ما أشأ غير زَهْوِ الملوكِ*** أجعلْكَ رَهطا على حُيَّضِ

ومن الباب‏:‏ زُهِيَ الرجل فهو مَزْهوٌّ، إذا تفخَّر وتعظّم‏.‏

ومن الباب‏:‏ زَهَتِ الريح النباتَ، إذا هَزَّتْهُ، تَزْهاه‏.‏ والقياس فيه أن المعْجَب ذَهَبَ بنفسه متمايلاً‏.‏

والأصل الآخر‏:‏ الزَّهو، وهو المنظر الحسَن‏.‏ من ذلك الزَّهْو، وهو احمرار ثمر النخل واصفرارُهُ‏.‏ وحكى بعضهم زَهَى وأَزْهَى‏.‏ وكان الأصمعيُّ يقول‏:‏ ليس إلاَّ زَهَا‏.‏ فأمَّا قول ابن مُقْبِل‏:‏

ولا تقولَنَّ زَهْوَاً ما تُخَبِّرُني*** لم يترك الشيبُ لِي زَهْوَاً ولا الكِبرُ

فقال قوم‏:‏ الزَّهو‏:‏ الباطل والكَذِب، والمعنى فيه أنَّه من الباب الأول، وهو من الفخر والخُيَلاء‏.‏

وأما الزُّهَاء فهو القَدْر في العَدَد، وهو ممّا شذ عن الأصلين جميعاً‏.‏

‏(‏زهد‏)‏

الزاء والهاء والدال أصلٌ يدلُّ على قِلّةِ الشيء‏.‏ والزّهِيد‏:‏ الشيء القليل‏.‏ وهو مُزْهِدٌ‏:‏ قليل المال‏.‏ وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"‏أفضلُ النّاسِ مؤْمِنٌ مُزْهِدٌ‏"‏ وهو المُقِلُّ، يقال منه‏:‏ أَزْهَد إِزْهَاداً‏.‏ قال الأعشى‏:‏

فلَنْ يَطْلبُوا سِرَّها للغِنَى*** ولن يسلِموها لإزهادها

قال الخليل‏:‏ الزَّهادة في الدُّنيا، والزُّهْد في الدِّين خاصة‏.‏ قال اللِّحياني‏:‏ يقال رجل زَهيدٌ‏:‏ قليل المَطعَم، وهو ضيِّق الخُلُقِ أيضاً‏.‏ وقال بعضهم الزَّهِيد‏:‏ الوادي القليل الأخذ للماء‏.‏ والزَّهَاد‏:‏ الأرض التي تَسيلُ من أدنى مطر‏.‏

وممّا يقرُبُ من الباب قولهم‏:‏ ‏"‏خُذْ زَهْدَ ما يكفِيكَ‏"‏، أي قَدْرَ ما يكفِيك ويُحكى عن الشيبانِيّ ـ إن صح فهو شاذٌّ عن الأصل الذي أصّلناه ـ قال‏:‏ زَهَدْت النَّخْلَ، وذلك إذا خَرَصْتَه‏.‏

‏(‏زهر‏)‏

الزاء والهاء والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حُسنٍ وضِياء وصفاء‏.‏ من ذلك الزُّهَرة‏:‏ النجم‏.‏ ومنه الزَّهْر، وهو*نَور كلِّ نبات؛ يقال أزهر النّبات‏.‏ وكان بعضهم يقول‏:‏ النّور الأبيضُ، والزّهر الأصفر، وزَهْرَة الدُّنيا‏:‏ حُسْنها‏.‏ والأزهر‏:‏ القمر‏.‏ ويقال زَهَرَت النّارُ‏:‏ أضاءت، ويقولون‏:‏ زَهَرَتْ بك ناري‏.‏

ومما شذّ عن هذا الأصل قولُهم‏:‏ ازدهرتُ بالشيء، إذا احتفظتَ به‏.‏ وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي قَتادة في الإناء الذي أعطاه‏:‏ ‏"‏ازْدَهِرْ بِهِ فإنَّ له شأناً‏"‏، يريد احتفظ به‏.‏ وممكنٌ أن يُحمَل هذا على الأصل أيضاً؛ لأنه إذا احتفظ به فكأنّه من حيثُ استحسنه‏.‏ وقال‏:‏

* كما ازْدَهَرَت*

ولعل المِزْهَر الذي هو العُود محمولٌ على ما ذكرنَاه من الأصل؛ لأنّه قريب منه‏.‏

‏(‏زهم‏)‏

الزاء والهاء والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سَمِن وشحمٍ وما أشبه ذلك‏.‏ من ذلك الزَّهَم، وهو أن تَزْهَم اليدُ من اللّحم‏.‏ وذكر ناسٌ أنَّ الزُّهْم شَحم الوحش، وأنَّه اسمٌ لذلك خاصَّة، ويقولون للسَّمين زَهِمٌ‏.‏ فأمّا قولُهم في الحكاية عن أبي زيدٍ أن المزَاهَمة القُرب، ويقال زَاهَمَ فلانٌ الأربعينَ، أي داناها، فممكنٌ أن يُحمَل على الأصل الذي ذكرناه، لأنّه كأنّه أراد التلطُّخ بها ومُماسّتها‏.‏ ويمكن أنْ يكون من الإبدال، وتكون الميم بدلاً من القاف، لأنَّ الزاهق عَيْنُ السّمين‏.‏ وقد ذكرناه‏.‏

‏(‏زهق‏)‏

الزاء والهاء والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تقدّم ومضيّ وتجاوز‏.‏ من ذلك زَهَقَتْ نفسه‏.‏ ومن ذلك‏:‏ ‏[‏زَهَقَ‏]‏ الباطل، أي مضى‏.‏ ويقال زَهَقَ الفرسُ أمامَ الخيل، وذلك إذا سَبَقَها وتقدَّمها‏.‏ ويقال زَهَقَ السّهم، إذا جَاوَزَ الهَدَف‏.‏ ويقال فرسٌ ذات أَزَاهيقَ، أي ذات جَرْيٍ وسَبْقٍ وتقدم‏.‏

ومن الباب الزَّهْق، وهو قَعْرُ الشيء؛ لأن الشيء يزهق فيه إذا سقط‏.‏ قال رؤبة‏:‏

* كأنَّ أيديَهنَّ تَهْوِي بالزَّهَق*

فأمَّأ قولهم‏:‏ أَزْهَقَ إِناءَه، إذا ملأَه، فإن كان صحيحاً فهو من الباب؛ لأنه إذا امتلأ سَبَقَ وفاضَ ومَرَّ‏.‏ ومن الباب الزَّاهق، وهو السَّمِين، لأنَّه جاوزَ حدّ الاقتصاد إلى أن اكتنَزَ من اللحم‏.‏ ويقولون‏:‏ زَهَقَ مخُّه‏:‏ اكتنَز‏.‏ قال زُهير في الزَّاهق‏:‏

القائدُ الخيلَ منكوباً دوابِرُها*** منها الشَّنُونُ ومنها الزَّاهِقُ الزَّهِمُ

ومِنَ الباب الزَّهُوق، وهو البئر البعيدة القعر‏.‏

فأما قولهم‏:‏ النَّاسُ زُهاقُ مائة، فممكن إن كان صحيحاً أن يكون من الأصل الذي ذكرنا، كأنَّ عددَهم تقدَّمَ حتَّى بلغ ذلك‏.‏ وممكن أن يكون من الإبدال، كأنَّ الهمزة أُبْدِلَتْ قافاً‏.‏ ويمكن أن يكون شاذّاً‏.‏

‏(‏زهف‏)‏

الزاء والهاء والفاء أصلٌ يدلُّ على ذهاب الشيء‏.‏ يقال ازدهَفَ الشيءَ، وذلك إذا ذَهَبَ به‏.‏ قالت امرأةٌ من العرب‏:‏

يا من أحسَّ بُنَيَّيَّ اللذين هما*** سَمعِي ومُخّي فمُخّي اليوم مزدَهَفُ

ويقال منه أَزْهَفَهُ الموتُ، ومن الباب ازدَهَفه، إذا استعجَلَه‏.‏ قال‏:‏

قولك أقوالاً مع التَّحلافِ*** فيه ازدهافٌ أيما ازدهافِ

وقال قوم‏:‏ الازدهاف التزيُّد في الكلام‏.‏ فإن كان صحيحاً فلأنّه ذَهابٌ عن الحقّ ومجاوزةٌ له‏.‏

‏(‏زهل‏)‏

الزاء والهاء واللام كلمةٌ تدلُّ على ملاسةِ الشَّيء‏.‏ يقال فرس زُهْلول، أي أملس‏.‏

‏(‏زهك‏)‏

الزاء والهاء والكاف ليس فيه شيء إلا أن ابنَ دريد ذكر أنهم يقولون‏:‏ زَهَكت الرِّيح التّرابَ، مثل سَهَكَتْ‏.‏

‏(‏باب الزاء والواو وما يثلثهما‏)‏

‏(‏زوي‏)‏

الزاء والواو والياء أصلٌ يدلُّ على انضمامٍ وتجمُّع‏.‏ يقال زوَيت الشَّيءَ‏:‏ جمعته‏.‏ قال رسول الله*صلى الله عليه وآله‏:‏ ‏"‏زُوِيتِ الأرضُ فأُرِيتُ مَشارِقَها ومغارِبَها، وسيبلغُ مُلْكُ أمّتي ما زُوِيَ لي منها‏"‏‏.‏ يقول‏:‏ جُمِعَت إِليّ الأرضُ‏.‏ ويقال زَوَى الرجلُ ما بين عينيه، إِذا قبضَه‏.‏ قال الأعشى‏:‏

يزيدُ يَغضُّ الطَّرْف دُوني كأنَّما*** زَوَى بين عينيه عليَّ المحاجمُ

فلا ينبسِطْ مِن بين عينَيكَ ما انزَوَى *** ولا تَلقَني إلاّ وأنفُكَ راغمُ

ويقال انْزَوتِ الجِلدةُ في النار، إذا تَقَبَّضت‏.‏ وزَاوية البيت لاجتماع الحائِطَين‏.‏ ومن الباب الزِّيّ‏:‏ حُسْن الهيئة‏.‏ ويقال زوى الإِرثَ عن وارثِه يَزوِيه زَيّاً‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الأصل ولا يُعلم لـه قياسٌ ولا اشتقاق‏:‏ الزَّوْزَاة‏:‏ حُسن الطرد، يقال زَوْزَيْتُ به‏.‏

ويقال الزِّيزَاء‏:‏ أطراف الرِّيش‏.‏ والزِّيزاةُ‏:‏ الأكَمة، والجمع الزِّيزاء، والزَّيازِي، في شعر الهذليّ‏:‏

* ويوفِي زَيازِيَ حُدْبَ التّلالِ*

ومن هذا قدرٌ زُوَزِيَةٌ، أي ضخمة‏.‏

وممَّا لا اشتقاقَ له الزَّوْء، وهي المَنِيّة‏.‏

‏(‏زوج‏)‏

الزاء والواو والجيم أصلٌ يدلُّ على مقارنَة شيءٍ لشيء‏.‏ من ذلك ‏[‏الزّوج زوج المرأة‏.‏ والمرأةُ‏]‏ زوج بعلِها، وهو الفصيح‏.‏ قال الله جل ثناؤه‏:‏ ‏{‏اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ‏}‏ ‏[‏البقرة 35، الأعراف 19‏]‏‏.‏ ويقال لفلانٍ زوجانِ من الحمام، يعني ذكراً وأنثى‏.‏ فأمّا قولُه جلّ وعزّ في ذِكْر النبات‏:‏ ‏{‏مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ‏}‏ ‏[‏الحج 5، ق7‏]‏، فيقال أراد به اللَّون، كأنَّه قال‏:‏ من كل لونٍ بهيج‏.‏ وهذا لا يبعد أن يكون مِن الذي ذكرناه؛ لأنه يزوَّج غَيْرَه ممّا يقاربه‏.‏ وكذلك قولهم للنَّمَط الذي يُطرَح على الهودج زَوج؛ لأنَّه زوجٌ لما يُلْقَى عليه‏.‏ قال لبيد‏:‏

مِن كل محفوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ*** زَوْجٌ عليه كِلّةٌ وقِرامُها

‏(‏زوح‏)‏

الزاء والواو والحاء أصلٌ يدلُّ على تنَحٍّ وزوال‏.‏ يقول زاح عن مكانه يزُوح، إذا تنحَّى، وأزحتُه أنا‏.‏ وربَّما قالوا‏:‏ أزاح يُزِيح‏.‏

‏(‏زود‏)‏

الزاء والواو والدال أصلٌ يدل على انتقالٍ بخير، من عملٍ أو كسبٍ‏.‏ هذا تحديدٌ حَدَّهُ الخليل‏.‏ قال كلُّ مَن انتقل معه بخيرٍ مِنْ عملٍ أو كسب فقد تزوَّد‏.‏ قال غيره‏:‏ الزَّود‏:‏ تأسيس الزّاد، وهو الطعام يُتَّخَذ للسَّفر‏.‏ والمِزْوَد‏:‏ الوعاء يُجْعَل للزاد‏.‏ وتلقب العَجم برِقاب المَزاوِدِ‏.‏

‏(‏زور‏)‏

الزاء والواو والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على المَيْل والعدول‏.‏ من ذلك الزُّور‏:‏ الكذب؛ لأنه مائلٌ عن طريقَةِ الحق‏.‏ ويقال زوَّرَ فلانٌ الشَّيءَ تزويراً‏.‏ حتَّى يقولون زوَّر الشيءَ في نفْسه‏:‏ هيّأَهُ، لأنَّهُ يَعدِل به ِعن طريقةٍ تكون أقربَ إلى قَبولِ السامعِ‏.‏ فأمَّا قولهم للصَّنم زُور فهو القياس الصحيح‏.‏ قال‏:‏

* جاؤوا بزُورَيْهِمْ وجئنا بالأَصَمّْ*

والزَّوَر‏:‏ الميل‏.‏ يقال ازورَّ عن كذا، أي مالَ عنه‏.‏

ومن الباب‏:‏ الزائر، لأنّه إذا زارَك فقد عدَلَ عن غيرك‏.‏

ثم يُحمل على هذا فيقال لرئيس القوم وصاحِب أمرهم‏:‏ الزُّوَيْر، وذلك أنهم يعدِلون عن كلِّ أحدٍ إليه‏.‏ قال‏:‏

بأيدِي رجالٍ لا هَوادةَ بينهمْ*** يَسُوقون للموت الزُّوَيْر اليَلَنْدَدا

ويقولون‏:‏ هذا رجلٌ ليس له زَوْرٌ، أي ليس له صَيُّورٌ يرجِع إليه‏.‏ والتزوير‏:‏ كرامة الزَّائِر‏.‏ والزَّوْرُ‏:‏ القومُ الزُّوَّار؛ يقال ذلك في الواحد والاثنين والجماعة والنِّساء‏.‏ قال الشاعر‏:‏

ومشيُهنَّ بالخُبَيْبِ المَوْرُ*** كما تَهَادى الفَتَياتُ الزَّوْرُ

فأمَّا قولهم إن الزِّوَرَّ القويّ الشديد، فإنما هو من الزَّوْر، وهو أعلى الصدر شاذٌّ عن الأصل الذي أصّلْناه‏.‏

‏(‏زوع‏)‏

الزاء والواو والعين كلمةٌ واحدة‏.‏ يقال زَاعَ الناقة بزمامها زَوْعاً‏.‏ إذا جذبها‏.‏ قال ذو الرّمة‏:‏

* زُعْ بالزِّمام وجَوْزُ الليلِ مرْكومُ*

‏(‏زوف‏)‏

الزاء والواو والفاء ليس بشيء، إلاّ أنّهم يقولون موتٌ*زُوَاف‏:‏ وحِيٌّ‏.‏

‏(‏زوق‏)‏

الزاء والواو والقاف ليس بشيء‏.‏ وقولهم زَوَّفْتُ الشيءَ إذا زَيّنتهُ وموّهته، ليس بأصل، يقولون إنّهُ من الزَّاوُوق، وهو الزِّئبق‏.‏ وكلُّ هذا كلام‏.‏

‏(‏زوك‏)‏

الزاء والواو والكاف كلمةٌ إن صحت‏.‏ يقولون إنَّ الزَّوْكَ مِشية الغُراب‏.‏ وينشدون‏:‏

* في فُحْشِ زانيةٍ وزَوْكِ غُرَابِ*

ويقولون من هذا زَوْزَكَت المرأة، إذا أسرعت في المشي‏.‏ وهذا باب قريبٌ من الذي قبلَه‏.‏

‏(‏زول‏)‏

الزاء والواو واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تنحّي الشيءِ عن مكانه‏.‏ يقولون‏:‏ زال الشيءُ زَوالاً، وزالت الشمس عن كبد السماء تزُول‏.‏ ويقال أزَلْتُهُ عن المكان وزوّلته عنه‏.‏ قال ذو الرمة‏:‏

وبيضاءَ لا تَنحاشُ مِنّا وأُمُّها*** إذا ما رأتْنا زِيل منا زَوِيلُها

ويقال إنّ الزّائلة كلُّ شيء يتحرك‏.‏ وأنشد‏:‏

وكنت امرأً أرمي الزّوائِلَ مَرَّةً*** فأصبحْتُ قد ودَّعْت رَمْيَ الزّوائِل

ومما شذّ عن الباب قولُهم‏:‏ شيءٌ زوْل، أي عَجَب‏.‏ وامرأةٌ زَولة، أي خفيفة‏.‏ وقال الطرِمّاح‏:‏

وألقَتْ إليَّ القولَ منهنَّ زَوْلةٌ*** تُخَاضِنُ أو ترنُو لقول المُخاضِنِ

‏(‏زون‏)‏

الزاء والواو والنون ليس هو عندي أصلاً‏.‏ على أنّهم يقولون‏:‏ الزَّون‏:‏ الصّنَم‏.‏ ومرّة يقولون‏:‏ الزَّوْن بيت الأصنام‏.‏ وربما قالوا زانَه يَزُونه بمعنى يَزِينه‏.‏

ومن الباب الزِّوَنَّة‏:‏ القصيرة من النِّساء‏.‏ والرجل زِوَنّ‏.‏ وربما قالوا‏:‏ الزَّوَنْزَى‏:‏ القصير‏.‏ وكله كلام‏.‏

‏(‏باب الزاي والياء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏زيب‏)‏

الزاي والياء والباء أصلٌ يدلُّ على خفّةٍ ونشاط وما يشبه ذلك‏.‏ والأصلُ الخِفّة‏.‏ يقولون‏:‏ الأَزْيَبُ النشاط‏.‏ ويقولون‏:‏ مَرّ فلانٌ وله أزْيَبٌ إذا مَرَّ مَرّاً سريعاً‏.‏ ومن ذلك قولهم للأمر المنكَر‏:‏ أَزْيَبٌ‏.‏ وهو القياس، وذلك أنّه يُستخفّ لمن رآه أو سمعه قال‏:‏

تُكلّفُ الجارةَ ذَنْبَ الغُيّبِ*** وهي تُبيتُ زوجَها في أزيَبِ

ومن الباب قولهم للرجل الذّليل والدّعِيِّ أَزْيَب‏.‏ ويقولون لمن قارَبَ خَطْوَه‏:‏ أَزْيَب‏.‏ وقد أعلمْتُكَ أنَّ مرجع البابِ كلِّه إلى الخِفّة وما قاربها‏.‏

وممّا يصلُح أن يقال إنّه شذّ عن الباب، قولهم للجَنُوب من الرِّياح‏:‏ أَزْيَب‏.‏

‏(‏زيت‏)‏

الزاء والياء والتاء كلمةٌ واحدة، وهي الزّيت، معروف‏.‏ ويقال زِتُّه، إذا دهنْتَه بالزّيت‏.‏ وهو مَزْيوت‏.‏

‏(‏زيح‏)‏

الزاء والياء والحاء أصلٌ واحد، وهو زَوال الشيء وتنحِّيه‏.‏ يقال زاح الشيءُ يَزيحُ، إذا ذهَب؛ وقد أزَحْتُ عِلَّته فزاحت، وهي تَزِيح‏.‏

‏(‏زيج‏)‏

الزاء والياء والجيم ليس بشيء‏.‏ على أنهم يسمُّون خيطَ البنَّاءِ زِيجاً‏.‏ فما أدري أعربيٌّ هو أم لا‏.‏

‏(‏زيد‏)‏

الزاء والياء والدال أصلٌ يدلُّ على الفَضْلِ‏.‏ يقولون زاد الشيء يزيد، فهو زائد‏.‏ وهؤلاء قومٌ زَيْد على كذا، أي يزيدون‏.‏ قال‏:‏

وأنتمُ مَعْشرٌ زَيدٌ على مائةٍ*** فأجمِعُوا أمرَكُمْ كيداً فكيدوني

ويقال شيءٌ كثير الزَّيايد، أي الزّيادات، وربما قالوا زوائد‏.‏ ويقولون للأسد‏:‏ ذو زوائد‏.‏ قالوا‏:‏ وهو الذي يتزيَّد في زَئِيرِهِ وصَولتهِ‏.‏ والناقة تَتَزَيَّد في مِشيتها، إذا تكلفَتْ فوق طاقتها، ويروون‏:‏

* فقل ‏[‏مثل‏]‏ ما قالُوا ولا تَتزَيَّد*

بالياء، كأنّه أراد التّزيّد في الكلام‏.‏

‏(‏زير‏)‏

الزاء والياء والراء ليس بأصلٍ‏.‏ يقولون‏:‏ رجلٌ زِيرٌ‏:‏ يحبُّ مجالسَةَ النِّساء ومحادثتَهن‏.‏ وهذا عندي أصلُهُ الواو، من زَارَ يزورُ، فقلبت الواو ياءً للكسرة التي قبلها، كما يقال هو حِدْثُ نِساء‏.‏ قال في الزِّير‏:‏

مَنْ يَكُنْ في السِّوادِ والدَّدِ* والإغْـ*** رامِ زيراً فإنني غيرُ زيرِ

‏(‏زيغ‏)‏

الزاء والياء والغين أصلٌ يدل على مَيَل الشيء‏.‏ يقال زاغ يَزيغُ زَيْغاً‏.‏ والتَّزَيُّغ‏:‏ التَّمايُل، وقوم زاغَةٌ، أي زائغون، وزاغَت الشمس، وذلك إذا مالت وفاء الفيء‏.‏ وقال الله جلَّ ثناؤه‏:‏ ‏{‏ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ ‏}‏ ‏[‏الصف 5 ‏]‏، فأمَّا قولهم‏:‏ تزيّغت المرأةُ، فهذا من باب الإبدال، وهي نونٌ أبدلت غيناً‏.‏

‏(‏زيم‏)‏

الزاء والياء والميم أصلٌ يدلُّ على تجمّعٍ‏.‏ يقال لحم زِيَمٌ، أي مُكتنِز‏.‏ ويقال اجتمع الناسُ فصاروا زِيَما‏.‏ قال الخليل‏:‏

* والخيل تعدُوا زِيَماً حولنا*

‏(‏زيل‏)‏

الزاء والياء واللام ليس أصلاً، لكنّ الياء فيه مبدلةٌ من واو، وقد مضى ذِكره، وذُكِرَتْ هنالك كلماتُ اللَّفظِ‏.‏ فالتَّزايل‏:‏ التباين‏.‏ يقال زَيَّلْتُ بينه، أي فرّقْت، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ ‏}‏ ‏[‏يونس 28‏]‏ ويقال إن الزَّيَل تباعُدُ ما بين الفَخِذين، كالفَحَجِ‏.‏ وذُكرَ عن الشيبانيّ إن كان صحيحاً تزايلَ فلانٌ عن فلانٍ، إِذَا احتشَمَه‏.‏ وهو ذاك القياسُ إن صحّ‏.‏

‏(‏زين‏)‏

الزاء والياء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على حُسن الشيء وتحسينه‏.‏ فالزَّيْن نَقيضُ الشَّيْن‏.‏ يقال زيَّنت الشيء تزييناً‏.‏ وأزْيَنتِ الأرضُ وازّيَّنتْ وازدانت إذا حَسَّنَها عُشْبُها‏.‏ ويقال إن كان صحيحاً ـ إنّ الزَّين‏:‏ عُرْف الدِّيك‏.‏ ويُنشدون‏:‏

وجئتَ على بغلٍ تَزُفُّكَ تِسعةٌ*** كأنّكَ دِيكٌ مائلُ الزَّين أعْوَر

‏(‏زيف‏)‏

الزاء والياء والفاء فيه كلام، وما أظنُّ شيئاً منه صحيحاً‏.‏ يقولون درهم زائِف وزَيْف‏.‏ ومن الباب زَافَ الجملُ في مَشيه يزيف، وذلك إذا أسرع‏.‏ والمرأة تَزِيف في مَشيها، كأنها تستدير‏.‏ والحمامة تَزِيف عند الحَمَام‏.‏ فأمّا الذي يُروَى في قول عديّ‏:‏

تَرَكونِي لدَى قُصورٍ وأعرا*** ضِ قصورٍ لزَيْفهنّ مَرَاقِ

فيقولون إِنّ الزَّيف الطُّنُف الذي يقي الحائط‏:‏ ويقال ‏"‏لزيْفهن‏"‏‏.‏ وكلُّ هذا كلام‏.‏ والله أعلم‏.‏

‏(‏باب الزاء والهمزة وما يثلثهما‏)‏

‏(‏زأر‏)‏

الزاء والهمزة والراء أصلٌ واحد‏.‏ زأر الأسد زأراً وزئِيرا‏.‏

قال النابغة‏:‏

نُبِّئتُ أنّ أبا قابوسَ أوعَدَنِي*** ولا قَرَارَ على زأر من الأسَدِ

ومنه قوله‏:‏

حَلّتْ بأرضِ الزَّائِرِينَ فأصْبَحتْ*** عَسِراً عليَّ طِلابُكِ ابنةَ مَخْرَم

ومن الباب الزَّأرَة‏:‏ الأَجَمة، وهو كالاستعارة؛ لأنّ الأُسْدَ تأوي إليها فتزأَر‏.‏

‏(‏زأب‏)‏

الزاء والهمزة والباء كلمتان‏.‏ يقال زَأَبَ الشيءَ، إذا حَمله‏.‏ والازدئاب‏:‏ الاحتمال‏.‏ والكلمة الأخرى زَأَبَ، إذا شَرِب شُرباً شديداً‏.‏ ولا قياسَ لهما‏.‏

‏(‏زأد‏)‏

الزاء والهمزة والدال كلمة واحدة، تدلُّ على الفزع‏.‏ يقال زُئِد الرّجُل، إذا فَزِع، زُؤداً‏.‏ قال‏:‏

حَملَتْ به في ليلةٍ مَزؤُودةٍ*** كَرْها وعَقدُ نِطاقِها لم يُحْلَلِ

‏(‏زأم‏)‏

الزاء والهمزة والميم أصلٌ يدلُّ على صوتٍ وكلام‏.‏ فالزَّأْمة‏:‏ الصَّوت الشديد‏.‏ ويقال زأمَ لي فلانٌ زأْمةً، إذا طَرَح لي كلمةً لا أدري أحقٌّ هي أم باطل‏.‏

ومما يُحمَل عليه الزَّأَم‏:‏ الذُّعر‏.‏ ويقال أزأَمْتُه على كذا، أي أكرهْتُه‏.‏

ومما شذّ عن الباب الزّأْم‏:‏ شِدّة الأكل‏.‏ والله أعلم‏.‏